وو شتيان الإمبراطورة الأنثى الوحيدة التي كانت حاكمة للصين كما يقول التاريخ، قتلت أبناءها لتحافظ على الحكم لنفسها، فهل كانت طموحة أم متعطشة للسلطة فقط؟ وو شتيان بدأت حياتها كمحظية للإمبراطور جاوزونج الذي أنجبت منه طفلة، لكنها لم ترَ فيها ابنتها بقدر ما رأت فيها فرصة سياسية، كيف ذلك؟!
قصة وو شتيان تثير الدهشة لقرائها وذلك بسبب بداياتها المتواضعة. وصلت
وو إلى قصر الإمبراطور تايزونج من أسرة تانج عام 636، وبدأت تعمل في
الديوان الملكي، ثم عملت كخادمة، ووصلت إلى الإمبراطور تايزونج من خلال
عملها في تغيير ملاءات سريره.
ولا يعني ذلك أن الوصول إلى الإمبراطور كان شيئًا سهلًا، حيث كانت حوالي
28 امرأة محظية تقف في طريقها، لكن الإمبراطور توفي بعد ذلك. انتقلت وو
كزميلاتها إلى دير بوذي لتعيش حياة الرهبنة، لكن ذلك الحال لم يعجبها فهربت
وعادت إلى القصر، حيث أصبحت المفضّلة لدى الإمبراطور جاوزونج ابن
الإمبراطور تايزونج. في الحقيقة، لم يكن ذلك أول لقاء بينهما، حيث بدأت
علاقتهما قبل وفاة والده.
اعتقدت زوجة جاوزنج أن وصول وو ربما سيشتت اهتمامه عن محظية يفضلها، لكن
حصل عكس ذلك تمامًا. كان على وو أن تتخلص من الزوجة وانج ومن المحظية
العشيقة السابقة، فتقرّبت أكثر من الإمبراطور حتى حصلت على ما تريد، وأنجبت
طفلتها الأولى، وهنا عُرفت وو بأنها أسوأ أم عرفها التاريخ.
ويعتقد المؤرخون أن وو قامت بخنق طفلتها لتلصق التهمة في وانج، والتي
دخلت السجن، حيث أصبحت الفرصة مواتية لها وأعلنها الإمبراطور جاوزونج كزوجة
إمبراطورة خلفًا لوانج التي كانت تقضي عقوبة السجن. وهنا بدأت الأمور تسير
في طريق الوحشية والبشاعة، حيث يرجّح المؤرخون أن وو قامت بتقطيع أوصال
وانج وعشيقة الإمبراطور السابقة، ووضعتهما في براميل النبيذ وألقتهما في
البحر.
وو.. أبشع أم عرفها التاريخ
إلى جانب قتلها لطفلتها، فتشير أصابع الاتهام إلى وو بقتل ابنها الأكبر
وولي العهد “لي هونج” حيث مات مسمومًا، أما خلفه وابنها الثاني فقد وجهت له
اتهامات بالخيانة والقتل، لذلك تم التخلص منه ونفيه. وبعد وفاة الإمبراطور
جاوزونج، لم تكن وو راضية، فأجبرت أصغر أبنائها الذي كان خلفًا لأخيه
المنفي بالتنازل عن العرش. وهنا أصبحت كامل السلطة لها وبيدها.
ربما يتساءل البعض: هل بمقابل الأفعال الشنيعة التي قامت بها وو كان لها إنجازات؟
الغريب وبكل أسف نعم، فللإمبراطورة وو إنجازات عظيمة حيث قامت بإصلاح
نظام الإنتاج الزراعي، وكذلك نظام الضرائب، وازدهرت حياة المزارعين، واستقر
حكم أسرة تانج. وبتوزيعها للكتيبات الزراعية، أسهمت بظهور الكلمة
المطبوعة، وفي عهدها أعيد افتتاح طريق الحرير التجاري بعد إغلاقه نتيجة
الطاعون، كما أنه يرجع لها الفضل في تقديم مجموعة من الحروف الصينية والتي
عُرفت باسم حروف شتيان.
كيف كانت نهاية وو شتيان؟
عاشت وو آخر أيام حكمها في فضيحة مدوية، حيث جمعتها في غرف قصرها علاقة
غير مشروعة بالأخوين تشانج لترضي رغباتها الشهوانية حسبما ذكرت الكاتبة
“ماري أندرسون” في كتابها “Hidden Power”. خلال هذه الفترة عاد ابنها
وزوجته من المنفى وكانت صحة وو قد تدهورت، فأجبرها على التخلي عن الحكم،
وتوفيت بعدها بفترة قصيرة. وكعادة الملوك، وُضعت بلاطة حجرية ضخمة أمام
قبرها قبل الوفاة، والذي من المفترض أن يملأه المؤرخون بإنجازات الحاكم. يا
تُرى أية إنجازات لـ وو تستحق الإشادة والتقدير؟!
الإبتساماتإخفاء