شاهدنا الكثير من أفلام الرعب التي تتحدث عن الزومبي واجتياحهم للعالم والتهديد الذي يحملونه. وأول ظهور للزومبي كان في فيلم “Night of the living dead” “ليلة من الحي الميت” عام 1968م. فما هو أصل كلمة “زومبي”؟ ومن أين جاءت؟ وكيف بدأ استخدامها؟
الزومبي جثة بلا روح يُعتقد أنها عادت
للحياة على يد السَّحرة، أو أي وسيلة خارقة للطبيعة. تعود جذور الزومبي
للديانة التي يؤمن بها الناس في غرب أفريقيا.
ويرى قاموس أكسفورد أن الزومبي كلمة من
منطقة غرب أفريقيا، تم تسجيلها لأول مرة في الإنجليزية عام 1819م. كلمة
“Zumbi” تعني “صنم” و ” nzambi” تعني “إله” في لغة الكيكونجو والتي يتحدث
بها الناس في الكونجو، وجمهورية الكونجو الديمقراطية والمناطق المحيطة.
ويشير مصطلح الزومبي إلى “إله الثعبان” في
ديانة الفودو في غرب أفريقيا. فحين تم اصطحاب مجموعات من غرب أفريقيا إلى
هاييتي وأجزاء من الكاريبي خلال القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر،
فقد حافظت على معتقداتها وممارساتها الدينية. وانتشرت فكرة الزومبي
تدريجيًا في الولايات المتحدة وأوروبا. أما في القرن العشرين فنشط تناول
هذا الموضوع في الخيال والسينما والتلفزيون.
أما الآن فالزومبي راسخة في أدمغتنا، حيث اكتسبت الكلمة مجموعة من المعاني، ومنها:
- الشخص الذي يكون بطيء البديهة، ولا يستجيب مع محيطه.
- حاسوب يتم التحكم به من غير مالكه، مثل الحواسيب التي تُستخدم لإرسال البريد غير المرغوب به، والأنشطة الإلكترونية غير القانونية.
- بنك الزومبي قد يشير إلى البنك المعسِر، الذي لا يزال يمارس أعماله بدعم من الحكومة.
ربما كان الظهور الأول للزومبي على الشاشة
في فيلم “ليلة من الحي الميت” للمخرج “جورج روميرو” عام 1968م، لكن البعض
يرى أن روميرو لم يطلق عليهم زومبي، إنما أرادهم أن يظهروا كالغِيلان، إلا
أن العامة هي من أطلقت مصطلح الزومبي، وعلق الاسم من حينها.
الزومبي في المعتقدات والتراث
على الرغم من أن كثيرين يتعاملون مع زومبي
نهاية العالم على أنه نوع من الثقافة الشعبية “البوب” إلا أنه من الهام
معرفة أن بعض الناس يعتقدون أن الزومبي حقيقي جدًا. فالثقافة الهايتية
وكذلك الأفريقية غارقة بشكل كبير في الإيمان بالسحر والشعوذة. وهو ما سبق
أشرنا إليه في ديانة الفودو وانتشارها في هاييتي، لكن البعض يشكك في
وجودهم.
النسخة الأمريكية من هذه الأفلام مرتبطة
بالزومبي آكل الدماغ. لكن إذا عدنا إلى الزومبي في الثقافة الهايتية، فسنجد
أنهم ليسوا أشرارًا، إنما ضحايا، وهم عبارة عن جثث تتحكّم بها قوى سحرية
لأغراض محددة، عادة لغرض العمل.
تاريخيًا، الخوف من الزومبي استُخدم كوسيلة
من وسائل السيطرة الاجتماعية والسياسية في هاييتي. ويُعتقد أن بعض الناس
لديها القوة السحرية لجعل الشخص زومبي، معظمهم من الأطباء السحرّة والذين
يُطلَق عليهم “بوكورز”، حيث كان الناس يخافون منهم ويحترمونهم. كما يُعتقد
أن البوكورز كانوا في خدمة ” Tonton Macoute” وهي الشرطة السرية الوحشية
التي استخدمتها أنظمة دوفالييه القمعية بين 1957م – 1984م، فأولئك الذين
يتحدون السلطة يصبحون مهددين في أن يكونوا الحي الميت!
وفي الخيال الشعبي هناك العديد من الطرق
لتدمير الزومبي منها قطع الرأس أو إطلاق النار عليها. والهدف من ذلك حسب
الفلكلور الهاييتي هو تحرير الشخص من حالة الزومبي، وليس القتل الصريح.
وهناك العديد من الطرق لتحرير الزومبي، منها تغذيته على الملح، وآخرون يرون
أن الزومبي إن رأى المحيط فقد يستعيد عقله، وبالتالي العودة إلى القبر.
هل الزومبي حقيقي؟
البعض يعتقد أنه حقيقي، لكن الأدلة شحيحة.
وهناك عدد قليل من حالات الزومبي المفترضة. من بينهم شخص مختل عقليًا اسمه ”
Clairvius Narcisse” والذي ادّعى عام 1980م أنه توفي عام 1962م، وأصبح
زومبي وقد تم إجباره على العمل كعبد في إحدى مزارع قصب السكر في هاييتي.
لكنه لم يقدّم أي دليل، كما أنه لم يعرض على المحققين المكان الذي عمل فيه
حوالي 20 عامًا.
هل هناك أدلة علمية على وجود الزومبي؟
خارج هاييتي، يُعتقد أن الزومبي ليس أكثر من
“بعبع” أو غول أسطوري. لكن ذلك تغيّر في ثمانينيات القرن الماضي عندما
ادّعى “ويد ديفيس” عالم نبات من هارفارد أنه اكتشف سر مسحوق الزومبي حين
كان في عمل ميداني في هاييتي. والعنصر النشط الموجود فيه هو سُم العصب
والذي يمكن استخدامه لتسميم الضحايا وتحويلهم إلى زومبي.
كتب ديفيس العديد من الكتب حول الموضوع منها
“The Serpent and the Rainbow” والذي حقق شهرة كبيرة، وتم إنتاجه كفيلم لـ
“ويس كرافن”. وعلى الرغم من نجاح الكتاب، إلا أن العلماء شككوا في صحة ما
يقوله ديفيس. فكمية السُّم العصبي في مسحوق الزومبي الذي وجده ديفيس غير
كافٍ لإحداث حالات زومبي. نظريًا، فإن قوة الزومبي قد تعمل تحت ظروف
مثالية، لكن في العالم الحقيقي سيكون من الصعب خلق زومبي بهذه القوة.
فالقليل من هذا السُّم له آثار مؤقتة، أما الكثير منه فقد يقتل الضحية!
وكذلك هناك شكوك صيدلانية في تحويل الناس
إلى زومبي للعمل في المزارع. فالعملية التي سيتم فيها تحويل الناس إلى
زومبي “على افتراض أنها لن تقتلهم” فإنها ستؤدي إلى تدمير أدمغتهم وإبطاء
عملها، وبكلمات أخرى أنه بالكاد ستكون لديهم القدرة على العمل في المزارع.
وعلاوة على ذلك، فصنع الزومبي لإنتاج يد
عاملة شيء غريب؛ خاصة وأن هاييتي من أفقر دول العالم، فلا يوجد لديها نقص
في الأيدي العاملة للعمل في المزارع والزراعة. كما أن فيها الكثير من الناس
الذين يقبلون بالعمل ربما مقابل لا شيء. في مقابل أن الزومبي غير مدفوعي
الأجر سيكلّفون الملابس والإيواء والطعام. وعلى أية حال لم يتم العثور على
مزارع قصب السكر التي يُعتقد أنها معقل الزومبي!
الإبتساماتإخفاء