عبادة الموت، أو سانتا مويرتيه، تقليد غريب
يتبعه قرابة 10 إلى 12 مليون شخص في المكسيك خاصة من السكان الأصليين في
المنطقة، وهي طقس ديني معقد يزداد أتباعه ويتوغل في الثقافة المكسيكية أكثر
فأكثر وبات يهدد هيمنة الكنيسة الكاثوليكية في المسكيك على حد وصف
الأخيرة!
عبادة الموت، طقس ديني واسع الانتشار في المكسيك
سانتا مويرتيه، مصطلح ديني يُشير إلى قديسة
الموت أو سيدة الموت، وهي آلهة يتم تقديسها وعبادتها في الثقافة المكسيكية
لإبعاد الموت عن الأحبة وتقريبه من الأعداء وفقا لما يعتقده المؤمنون
بالمذهب المريب! وتتجلى هذه العبادة بتكريم هيكل عظمي على هيئة امرأة
وتقديم الهدايا والتذكارات لها. ويبدو أن هذا المذهب الديني المريب ظهر بعد
تمازج الثقافة الكاثوليكية الإسبانية وثقافة السكان الأصليين من شعب
الأزتك والمايا الذين يقدسون الموت ولهم طقوسهم الخاصة لذلك.
نبذة تاريخية عن طقس العبادة سانتا مويرتيه
المؤرخون الأوروبيون يرجِّحون أن أتباع هذا
المذهب الديني ظهروا بعد أن وصل الإسبان إلى المكسيك. فقد كان السكان
الأصليون في المكسيك من الأزتك والمايا الذين عُرفوا بتقديسهم للموت
وطقوسهم الغريبة في هذا الأمر، وبعد مرور السنين على التواجد الإسباني في
المكسيك، ظهر طقس ديني غريب وهو عبادة الموت، يقوم على تقديس الموت ووضعه
بمكانة هامة للغاية في ثقافة الشعب المكسيكي. وكما ذكرنا سابقا فإنه مذهب
نشأ من تمازج حضارتين مختلفتين.
وعلى الرغم من أن طقوس سانتا مويرتيه لا
تعترف بها الكنيسة الكاثوليكية، إلا أن غالبية أتباعه من الكاثوليك
المكسيكيين. فبحلول القرن الثامن عشر للميلاد، أدركت الكنيسة الكاثوليكية
أن أتباع المذهب المريب في ازدياد متواصل بين السكان الأصليين، ما دفع قادة
الكنيسة إلى إصدار الأوامر بتدمير أضرحة سانتا مويرتيه للقضاء على
الظاهرة، فتلاشت عن الرأي العام حتى منتصف القرن العشرين.
وما لبثت أن عاودت الظاهرة للبروز والظهور
مجددا في المكسيك وذلك في عام 2001م، بعد أن قامت امرأة بجلب هيكل عظمي إلى
شارع في حي سكني وسط مكسيكو سيتي بمنطقة تيبيتو، وسرعان ما توافد الناس
إليه لتبجيله وتقديسه. كما تنتشر العديد من التماثيل والتذكارات لتمثال
سانتا مويرتيه في أكشاك البيع الصغيرة والكبيرة والمحلات التجارية في
مكسيكو سيتي.
من يتبع مذهب سانتا مويرتيه؟
لعل أبرز ما يميز هذا المذهب هو أن أتباعه
غالبيتهم من تجار المخدرات ورجال العصابات والمافيا والجماعات الإجرامية
الذين احتضنوا مذهب سانتا مويرتيه وتبنوه ظنا منهم أن قديسة الموت ستحميهم
من خطر الموت والقتل خلال تنفيذ عملياتهم الإجرامية وعبورهم للحدود بصفة
غير قانونية. فغالبا ما تجد أضرحة قديسة الموت وصور لها تنتشر في كل مكان
في منازل المجرمين وتجار المخدرات ورجال العصابات، كما نجدها ضمن وشومهم
التي رقعوها على أجسادهم ووجوههم.
من أشهر الأمثلة على ذلك عصابة زيتاس
المكسيكية المعروفة باحتوائها على أخطر رجال العصابات والمافيا المكسيكيين،
فقد بنت العصابة العديد من أضرحة سانتا مويرتيه على أراضيها شمال المكسيك،
إضافة إلى مزارَيْن للعبادة خارج مسقط رأس العصابة.
لكن رجال العصابات ليسوا وحدهم من يقدسون
الموت ويعبدونه في مذهبهم، بل أيضا السكان ممن يطلبون الصحة أو المال أو
الحب أو أي أمور أخرى، فيعبدون سانتا مويرتيه ظنا منهم أن القديسة ستساعدهم
على تحقيق أمانيهم! كما أن الأمهات في المكسيك ممن يعبدون الموت يصنعون
مزارات وأماكن عبادة يتوسطها هيكل عظمي لسانتا مويرتيه في منازلهن وذلك
لحماية أطفالهن أو جلب العمل والمال للأبناء وتزويج الفتيات والحفاظ على
صحة الأطفال! فأن تجد هيكل عظمي يرتدي عباءة وصلبان مختلفة ويحمل صولجانا
بيده في منزل مكسيكي هو أمر مقبول وعادي تماما!
ويبدو أن الكنيسة الكاثوليكية غير راضية حتى
اللحظة عن هذا المذهب وتقديسه للموت بصورة مرعبة ومريبة، فخلال آخر زيارة
للبابا فرانسيس إلى المكسيك، وجّه رسالة مبطنة وغير مباشرة إلى من يعبدون
الموت ناصحا إياهم بالتوقف عن ذلك واتباع الطريق الصحيح، وفقا لما قاله.
فالخوف ليس فقط من تمدد أتباع المذهب في المسكيك، بل يُمكنك أن تجد الآلاف
من أتباعه في أمريكا الوسطى والولايات المتحدة الأمريكية أيضا.
ولعل أبرز ما ساهم بانتشار ثقافة عبادة
الموت في الثقافة المكسيكية هو الجهل وعمومه على الشعوب الأصلية في
المكسيك، فلا يُمكن أن يعتقد إنسان بكافة قواه العقلية بمثل هكذا مذهب مريب
يتخذ من هيكل عظمي آلهة ويقدسها ويقدم لها القربان والهداي طلبا لرضاها
وامتنانه لها! ونحن هنا لا يسعنا سوى أن نحمد الله على نعمة الإسلام وأن
خلقنا على الفطرة السوية وثبتنا عليها في زمن كثرت فيه الشكوك والمزعزعات
عن الحق.
المزيد من الصور حول مذهب سانتا مويرتيه في المكسيك..
الإبتساماتإخفاء